مقال لماذا / من كتابة : Debbie Kunesh
و ترجمة : إيمـان محمـد
لماذا كانت
تبدو حياة مايكل جاكسون ناجحة جدا ،
و مؤلمة و غارقة في الوحدة كذلك ؟ كيف لـشخص واحد أن يحتمل
كل ذلك النقد والخيانة؟
إن إنغماسي بالتفكير في هذا الأمر وحدة كان كافيا ليتسبب
لي بالألم الكبير.
لماذا يبدو أنه من السيئ لرجل ( أو امرأة ) ، أو لأي إنسان، أن يحب أو يهتم بالأطفال ؟ أو أن يكون محاطا بهالة دهشة طفولية؟
ألا نستطع جميعا أن نكون مثل ذلك قليلا؟ لماذا يخفينا هذا الأمر
كثيرا؟
لماذا نرغب دائما وعلى الفور بإلقاء المسميات على آخرين لا نعرفهم كمُسمى غريب، أو شاذ ، أو غريب الأطوار ؟
لماذا لا نهتم بواقع أننا بإلقاء تلك المسميات نؤذي ذلك الشخص ؟
لماذا لا نحاول التعرف على هذا الشخص و النظر إلى ما هو أبعد من
المظهر الخارجي؟
عوضا عن الانتقاد والهدم والسخرية والإذلال، لماذا لا
نحاول أن نضع أنفسنا مكان ذلك الشخص ، ولو لمجرد لحظة، في محاولة
لفهم هذا الشخص بشكل أفضل ولنفهم من أين ينطلق؟
لماذا هي الطبيعة
البشرية في أننا نسعى جاهدين لتمزيق أكثر الناس عطاء وتضحية ؟
إننا نعبد المال ولا نعطي قيمة للصدق ونقاء القلب، نعبد الشهرة
ونمزق الأشخاص أنفسهم الذين صنعنا منهم تماثيلا!
أولئك الذين يمتطون الشهرة، تستهلكهم الحياة وتبقيهم الشهرة فارغين، انهم
يريدون حبنا لهم، لما في داخلهم، وليس من أجل النجومية التي يتمتعون بها.
لا يستطيع المرء أن يهتم بصدق وببراءة
بالأطفال ويمتلك حساسية تجاه آلامهم، والرغبة في تحسين عالمهم، دون ان نظن على الفور أن
هناك شيء خاطئ ونبدأ بإطلاق الاتهامات ، (على الرغم من اننا نعلم الآن أن تلك
الادعاءات كان مصدرها المال والجشع وغير حقيقية ) ومع ذلك كنا نتقبّل كل أكاذيب
وسائل الإعلام دون أن يرف لنا جفن تجاه
الانتقادات التي كان يواجهها مايكل يوما بعد يوم.
في كل مقطع فيديو أشاهده فيه، يبدو أن هناك شعور حقيقي من الفرح البريء الذي يجنيه جراء
تواجده حول الأطفال ومعهم، الأطفال الذين قال عنهم أنهم مصدر إلهام كبير للأغاني التي يكتبها.
كان الأطفال من حوله و كان يبدو مثل
أخ كبير أو عمّ لهم , وليس كرجل يدبّر مكيدة أو
أعمالا إجرامية لهؤلاء الأطفال. لم أرى أي دليل على ذلك. أنا أعلم حقيقة أنه لم يكن كذلك.
دائرة
الشرطة أيضا كانت غير قادرة على العثور على أي شيء، على العكس تماما من تلك
الادعاءات والمزاعم التي ظهرت ضده سنة 1993 عندما فتشوا جميع أشرطة الفديو التي
وجدوها بمنزلة في نيفر لاند ، لقد كانت جميعها بريئة بالكامل.
في محاكمة سنة 2005 لقد أُعطي مايكل حكم "غير مذنب" على جميع التهم الموجهة إليه. لم يجدوا
هناك أي دليل في أي مكان.
هل كان يجب عليه السماح للأطفال بالنوم في
غرفته؟ من الممكن أن لا يكون هذا الخيار مثارا للجدل ومن المؤكد ربما أنه ليس
بالخيار الأفضل بالنظر الى مدى تقبل الآخرين للأمر ، لكني أملك شعورا بأنه ببعض
الطرق كان طوال حياته يحارب تصورات الرأي العالم حوله في الأمور التي كان يشعر ببراءتها
في داخله ، لقد كان يعلم جيدا في قرارة قلبه أنه لم يكن يفعل شيئا سيئ .
لقد أحب واهتم بالأطفال بقلب نقي وصادق، كطفل نشأ في منزل صغير جدا، تشارك السرير
مع إخوته ، وقد ذكر ذلك في مقابلاته، بالنسبة له لقد كان هذا الأمر طبيعيا جدا
ومُحببا ولا يتعلق أبدا بأي أمر جنسي.
لماذا نجعل فعل الاهتمام البريء، أفعالا قذرة وحقيرة؟
لماذا نفكر تلقائيا بقذارة عندما يكون الدافع نقيا؟
أظن أننا لا يمكن أن نفهم "
النقاء" ، نحن لا نظن أنه ممكنا ، نحن لم نحاول أبدا.
من أجل فهم ذلك، يجب عليك إزالة نفسك من أساليب التفكير المنحرفة أحيانا لهذا العالم ، وبدلا من ذلك، فكّر بقلبك. نحن مشغولون جدا بالتفكير برؤوسنا
فقط، وتصديق كل ما نسمع وكل ما يُعرض علينا،
ونتجاهل قلوبنا. قلوبنا التي تعطينا التفهم والحب
والاهتمام ، ومايكل كان متناغم جدا مع قلبه.
لقد فكرت في هذا الرجل الذي عانى كثيرا في كل
لحظة ، من وسائل الإعلام و الجمهور الذين قاموا
بتمزيقه . وعلى الرغم من صعوبة
الأمر إلا انه حافظ على نزاهته. وبقي لطيفا ومتواضع وقال أنه لن يتوقف عن
مساعدة الناس، وهذا يدل على أنه يملك شيئا
عميقا داخل نفسه، أنا أظن أنه كان يملك محبة الله داخل قلبه.
في مقابلة مع ليزا ماري بريسلي ( التي كانت
طليقة مايكل في ذلك الوقت) أجرتها مذيعة معروفة جيدا، احتوت تلك المقابلة على مسار
أسئلة مهين لمايكل على شاكلة " لماذا تزوجتي مايكل؟ " طرحت تلك المذيعة السؤال
بصيغة الصدمة والاشمئزاز وبنبرة متقززة كان الهدف منها رسم صورة سيئة جدا لمايكل،
واصلت المذيعة أسئلتها على ذات النمط بالقول "نعم،
ولكن مايكل جاكسون؟ لماذا مايكل جاكسون؟ " هل كان بينكما انجذاب جنسي؟ ماذا عن شكله وهيئته؟ كيف تزوجته؟"
وفي تلك اللحظة كان من الواجب علي أن أسأل
نفسي: لماذا كان علينا أن نحكم على شخص من خلال مظهرة الخارجي؟( وأن نجعل من مظهرة
مقرفا وان لم يكن كذلك؟) بدلا من التركيز على أفعاله وانجازاته ؟ لماذا كانت تلك
المذيعة ترى مايكل مقرفا بينما لا أراه أنا كذلك؟
لقد عرفت مايكل أكثر من خلال شعره، كتاباته، ومقابلاته التي أجراها . وليس من خلال
رؤيتي لكل الخير الذي كان يفعله في العالم ، وكم استهلك من نفسه من أجل أدائه وموسيقاه. ولا عندما سمعت ضحكته أو رأيت حركاته الراقصة التي لا تُصدق وليس
عند استماعي لموسيقاه المدهشة التي صنعها. بإمكانك مشاهدة آداءه، قراءة ما يكتب أو
سماعه عندما يتحدث، وعندها يمكنك رؤية قلبه وروحه عاريين أمامك.
من خلال بحثي وجدت أنه حتى بعض أكبر
المجلات حجما تتحدث اليوم عن مايكل بالسلب عند إحياء ذكراه وتركز على "
غرابته" بدلا من التركيز على كل ما أعطى لهذا العالم وعالم الموسيقى!
لقد تم منح هذا الرجل 197 من
الجوائز و التكريمات في حياته،
مع العلم انه خاض في عالم الموسيقى لمدة
43 عاما )على الرغم من أنه كان يبلغ 50 عاما فقط من العمر عندما وافته
المنية( ، و دخل كتاب غينيس للأرقام العالمية باسم
نجم البوب الذي دعم معظم المنظمات الخيرية، وباع الملايين من الألبومات، وكان مخترعا، فنان ، أعطى
من نفسه باستمرار، وبعد ذلك واصلت الصحافة إلى
التركيز على ما شعروا أنها كانت " غرابة أطوار" تحيط به.
متى، وبصراحة، سمعتم وسائل الإعلام تتحدث وتظهر الجهود الإنسانية التي لا تنتهي عن مايكل؟ بدلا من ذلك، كنا نسمع قصصا
عن عمليات التجميل
والاتهامات
، وغرابته، والشائعات والتكهنات. لكن كما قال مايكل نفسه: الأخبار الجيدة لا تبيع صحفا، وعلى العكس
الفضائح والأخبار الملفقة ستلقى رواجا، ونحن نرى التكهنات التي تباع على
أنها حقائق.
بالنسبة لي، أشعر أنك سترى الحقيقة في كلمات أحدهم إذا نظرت إليها
بالعمق الكافي، هل قرأت يوما ونظرت أعمق؟
لقد ذكر مايكل في كثير من الأحيان أنه كان واحدا من أكثر الناس إحساسا بالوحدة على وجه الأرض. و وفقا لأصدقائه ، كان ذلك صحيحا حتى رُزق بأبنائه الذين أحبهم بعمق.
قبل ذلك ، الشهرة و سنوات
تواجده في الوسط الفني قد ساهمت في عزله إلى مستويات لا أحد منا قد يفهمها تماما. إضافة إلى
الادعاءات في عام 1993 ثم في عام 2003، وفي رأيي، أنا أشعر أن تلك الأمور الحقيرة والمروعة
القادمة ضد شخص يملك مثل هذه الروح المُحبة كانت
أكبر كثيرا من طاقته.
كل من تحدث عن مايكل جاكسون في المقابلات
كان يذكر بأنه كان أب رائع ويقدم أبنائه أولا في كل شيء يفعله وذكروا أيضا كم كان
لطيفا وكريم وسهل التعامل ، وقال الطاهي الشخصي لمايكل ، في مقابلة مع وكالة اسوشيتد برس مؤخرا إن مايكل يحرص على تناول وجبات كل من الغداء والعشاء مع أبنائه يوميا وقبل كل وجبة، فإن ابنته باريس تقرأ الدعاء.
عندما أنظر إلى مايكل جاكسون، استمع إليه بقلبي،
أرى الرجل الذي كان
يمتلك موهبة هائلة، وقلب كبير، وقدم الملايين للجمعيات الخيرية، زار دور الأيتام والأطفال
المرضى، وساعد الناس أينما ذهب، والذي غنى بحنجرة ملائكية وصوت متناغم، أرى الرجل الذي كان ممتلئا قلبه
بمحبة الله، وكل شيء فعله كان منطلقا من ذلك المكان بالذات المليء بالنعمة والحب.
هكذا كان قادرا على الحفاظ تواضعه ولطفه والضوء الذي كان
مشرقا من روحه. أرى الرجل الذي كان دائما يذّكر الناس بأنه يحبهم وبشكل
روتيني قال لهم "بارك
الله فيكم"، وكان يعني ذلك حقا.
لقد تساءلت وشعرت بالحزن العميق وأنا أرى
ذلك الضوء الجميل والفرح الذي يظهر فيه عينيه وقد بدأ يتلاشى بعد تلك الاتهامات
بالغير معقول. عندما رأى ثقته وقد تم خيانتها في ذلك الوثائقي الخاص بمارتن بشير،
وعندما تم التعامل معه من قبل الإعلام وبعض الجمهور كأنه نوع غرائبي أو مسخ، أو
أقل من إنسان. عندما سمع أشياء جنونية ، موجعة، وفظيعة قيلت في حقه، لابد أن كل
ذلك قد كان تجربة حزينة جدا بالنسبة لشخص أعطى الكثير، بعد أن نبذناه كإنسان وقمنا
بتصديق كل تلك القمامات التي كان الإعلام يغذينا بها بانتظام وقمنا بإلقاء النكات
عنه ، ألم يكن لديه مشاعر؟
اقرؤوا كلماته وستعلمون أنها آلمته عميقا في داخله.
عندما شاهدنا مايكل يقول لنا انه
يعاني من البهاق، على سبيل المثال، لماذا استفدنا من ألمه واخترنا
السخرية وعدم التصديق ، بدلا من
رفع معنوياته ومواساة هذا الإنسان بالحب والرحمة؟
كان لابد أن أتساءل بماذا شعر مايكل عندما
كان يتم قصف كيانه الكلي بالانتقادات و الاتهامات باستمرار بينما كان مستمرا في
محاولات يائسة مستخدما مواهبه التي كان
يعتقد أن الله أهداه إياها للترفية ،
ليظهر الحب والرعاية تجاه الآخرين، وليصنع فرقا في هذا العالم، ليعطي روحه، كيف
كان يشعر عندما أدار الجميع ظهورهم نحوه؟
لقد شعرت أثناء انغماسي ببحثي وقراءاتي عن
ما قيل عنه ، بالضيق من كل ما رأيت و قرأت، شعرت بالألم من أجله، وأستطيع تصور ما شعر
به في ذلك الوقت. لقد وضعت نفسي مكانه وبكيت دموعا بسبب الألم الذي تعرّض له.
في بعض النواحي ، حياة مايكل لم تكن مثل
حياتنا، لقد بلغ مستويات من الشهرة لم يبلغها أحد قبله، كان لديه موهبة هائلة، وعلى الرغم من ذلك، بدا متواضعا
للغاية حول هذا الموضوع. وكان عليه أن يكبر في سن مبكرة جدا،
وشهد الكثير في سن غض أكثر مما كان ينبغي . لا يمكننا الادعاء معرفة ما تأثير تجربته
الحياتية الفريدة على وجهات نظره وتصوراته.
هل بإمكاننا لومه على ميله للعزلة أحيانا
بسبب مشاعره التي دمرتها الخيانة؟ لقد أعطانا روحة ، فأعطيناه الحب بيد ، وأقصى
الانتقادات باليد الأخرى، هل يمكنك التخيل الآن ربما لماذا كان يعاني من الأرق ولم
يستطع النوم؟ هل يمكنك التخيل الآن لما تعذب؟ هل كنا نحن سببا في ذلك؟ نحن من
اشترينا تلك الصحف والمجلات واستمعنا لتلك الأخبار ، هل أضفنا نحن على ألمه ؟
إنني أشعر بالعار حقا، لأننا الآن فقط بعد
وفاته أصبحنا نرى أخطائنا، بينما لا يزال الآخرون يواصلون تحقيره واختلاق أمور
مثيرة للاشمئزاز في حق الشخص الذي لم يعد يستطيع أن يدافع عن نفسه. هل بإمكانك أن ترى كم هذا خاطئ؟
لماذا، بعد أن قال لنا مرات
عديدة وحاول أن يفهمنا ، أنه يعاني من مرض جلدي،
كان خجولا بشأنه ، وأنه كان يحتاج
لخصوصيته ، لماذا لم نستمع له؟ لماذا لم نفتح قلوبنا ونستمع له بدلا من إخراج
خناجرنا وغرسها أعمق داخل جراحه؟
مهما كانت نظرتك عن مايكل، حاول أن تنظر متجاوزا
كل ما قيل وكُتب عنه، استمع إلى ما قاله
مايكل عن نفسه، ثم قم بالتعامل مع الآخرين
بنوع الحب و الاحترام الذي تريده لنفسك، اعتقد أن هذا وحده ، سيغير كثيرا في
العالم ، التغيير الذي حملة مايكل قريبا من
قلبه ، أتمنى لو كان يعرف أنه كان محبوبا من قبل الكثيرين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق